السبت، 27 أكتوبر 2018

«رداء القطيف» يصارع البقاء.. وطفرة الحداثة

التعليقات

78233.jpg

لا يزال «لردى»، أو الرداء، الذي ترتديهِ بعض النسوة الكبيرات في السن بمحافظة القطيف، يصارع البقاء والاستمرارية في ظل طفرة الحداثة، وصرعات الموضة التي تشهدها أرقى دور العبايات في الخليج العربي. ويتكون الرداء المعروف بـ «لردى» في اللهجة المحلية، من قطعة مستطيلة ذات قماش أسود يشبه الملاءة، وهو من الأزياء الشعبية القديمة المتوارثة عند النساء كبيرات السن، في القطيف وكذلك في مملكة البحرين، حيث ارتدينه حسبما فرضته عليهن تقاليد المجتمع المحلي، فبات يعيش آخر مراحل وجوده، ويرافق آخر جيل من النسوة اللاتّي تربينّ عليه.

بائع أقمشة

ويبيِّن تاجر بيع الأقمشة الحاج محمد سلمان، أنه ينفرد ببيع وتوزيع» لردى» في سوق مياس بالقطيف، مشيرا إلى أن إقبال السيدات الكبيرات في السن عليه لم يعد كالسابق، نظراً لما تشهده صرعات موضة العبايات من جهة، وموت جيل النسوة اللاتي تربين عليه من جهة أخرى، موضحاً أن الطلب عليه ينتعش خلال الأيام الأولى، بداية كل عام هجري؛ حيث تبتاعه كبيرات السن بكميات كبيرة، ليوزعنه على جاراتهنّ والمقربات منهنّ.

منوها إلى أن أسعاره تختلف بحسب اختلاف الخامات والأنواع، فخامة الـ «بروجي» المطرز جزؤه السفلي بخيوط ذهبية يبلغ سعره 1٣٠ ريالا، أما خامة «بريسم» المطرز جزؤه السفلي بخيوط حمراء يتفاوت ما بين 80-100 ريال، لافتاً إلى أن الكبيرات في السن يفضلن «بريسم» لخلوه من الزينة لدواعي الاحتشام والستر.

القطيف والبحرين

وأوضح السلمان أن نسوة القطيف والبحرين عرفنه خلال المائة عام الماضية، وأن تجار الخليج جلبوه معهم من الهند ، لافتاً إلى قيام التجار بعد تلك الحقبة بتأسيس شراكة فيما بينهم، بالتعاون مع تجار البحرين لفتح مصانع تصنع هذا الرداء، ولم يبق اليوم منه إلا مصنعاً واحداً في البحرين يسمى «بني جمرة»، ومنه يُصدر للقطيف، موضحاً ارتداءه من قبل نسوة جميع الطبقات الاجتماعية في البحرين والقطيف، مع اختلاف بسيط في جودة ونوع القماش، مضيفاً أن نسوة الطبقة الفقيرة كن يرتدينَ «الشيلة» أو «المقنعة» عند خروجهنّ من منازلهنّ، وهي عبارة عن قطعة مستطيلة من القماش القطني المتين الأسود.
وعن طريقة ارتدائه تقول مصممة الأزياء غادة آل موسى لـ «الشرق»، إنّ النسوة كنّ يضعن الرداء على رؤوسهنّ، ويلففن طرفيه على مقدمة أجسامهنّ، وما يتبقى منه يجمعنه، و يثنينه تحت آباطهنّ، أو بثني طرفيه من الأمام، وقبضه عند أيديهن، ويغطين وجوههنّ، فلا يُرى منهنّ شيء.

أناقة وحشمة

وتوضح آل موسى أن المرأة القطيفية قديماً تفننت في صنع ملابسها للحفاظ على أناقتها الأنثوية من جهة، وعاداتها وتقاليدها الاجتماعية والدينية وحشمتها من جهة أخرى؛ فارتدت النسوة تحت» لردى» ثوباً فضفاضا لا يكشف مفاتن جسدهن، كما ألحقن ذاك الثوب الفضفاض القصير بـ «سروال» محجل بنقوش متعددة، يعكس مدى المستوى المعيشي الذي كانت تعيشه تلك
السيدة، وفوقه ثوب آخر ناعم وأقل سمكاً يسمى بـ «الهاشمي».

ولفتت آل موسى إلى أن «الملفع»- قماش مستطيل يشبه الشيلة- هو آخر ما ترتديه السيدة قبل «لردى» فتلفه على رأسها وعنقها؛ بحيث يتدلى ما بقي منه على صدرها وظهرها، ليغطي الجزء العلوي من جسدها، إضافة إلى أنها تحمل معها منديلاً يسمى» الدسمال» يتم تعطيره بالعود وأجود أنواع البخور والطيب، فتستخدمه في حفظ أغراضها الشخصية.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٨١) صفحة (٢٧) بتاريخ (٢٣-٠٢-٢٠١٢)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إخراج شظية من العمود الفقري لـ «هاني الناصر»

الدمام  –  معصومة المقرقش نجح الأطباء في مستشفى الملك فهد التخصصي في إخراج الشظية التي اخترقت العمود الفقري لهاني الناصر، وصولاً إل...